طالب أمين عام أوبك هيثم الغيص، مجددًا، بمعالجة نقص الاستثمارات في قطاع النفط، مشيرًا إلى عدم وجود حل واحد يناسب الجميع لمستقبل الطاقة المستدامة.
وأوضح أنه يجب أن يكون التركيز العامّ على الحدّ من الانبعاثات واستعمال جميع أنواع الوقود؛ إذ سيحتاج العالم إلى المزيد من الطاقة في العقود المقبلة، مع نمو السكان والاقتصادات.
وكتب الغيص -في مقال نشرته منصة “ذا غلوبال غوفرنانس بروجكت” (The Global Governance Project)- أنه لا يوجد حل واحد يناسب الجميع لمستقبل الطاقة المستدامة؛ فالطريق الصحيح لأحدهم قد لا يكون الطريق الصحيح للآخر.
وشدد أمين عام منظمة الدول المصدّرة للنفط “أوبك” على أن تلبية هذا النمو، وضمان أمن الطاقة والوصول الميسور التكلفة، وخفض الانبعاثات العالمية بما يتماشى مع اتفاقية باريس، يتطلب جميع الطاقات والاستثمارات غير المسبوقة، مع التعاون لتحقيق انتقال عادل ودائم.
نقص الاستثمارات في قطاع النفط
في تقرير آفاق النفط العالمي لعام 2022، توقعت منظمة أوبك أن يتوسع الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 23% حتى عام 2045.
وأكد أمين عام أوبك أن تلبية هذا النمو، وضمان أمن الطاقة والوصول ميسور التكلفة، وخفض الانبعاثات العالمية بما يتماشى مع اتفاقية باريس، يتطلب جميع الطاقات والاستثمارات غير المسبوقة، مع التعاون لتحقيق انتقال عادل ودائم.
بالنسبة لصناعة النفط وحدها، والتي ستشكّل ما يقرب من 29% من احتياجات الطاقة في العالم بحلول عام 2045، أشار الغيص إلى أن إجمالي متطلبات الاستثمار العالمي يبلغ 12.1 تريليون دولار من الآن وحتى ذلك الحين، ما يعادل أكثر من 500 مليار دولار سنويًا.
وأكد الغيص أن المستويات السنوية الأخيرة كانت أقلّ بكثير من هذا المبلغ، بسبب الانكماش الصناعي والوباء والتركيز المتزايد على القضايا البيئية والاجتماعية وقضايا الحوكمة.
وقال: “في الواقع، نعتقد أنه لا تُخَصَّص استثمارات كافية لجميع الطاقات.. وببساطة، فإن استدامة نظام الطاقة العالمي على المحك”.
وتابع أن هناك حاجة إلى “مناخ صديق للاستثمار طويل الأجل يناسب المنتجين والمستهلكين”.
وشدد أمين عام أوبك على أنه يتعين تصحيح نقص الاستثمار المزمن؛ إذ لا يتعلق الأمر بانتظار الغد، بل إنه يتعلق بتحقيق ذلك اليوم.
دور أوبك في أمن الطاقة
سلّط أمين عام أوبك الضوء على استعداد الدول الأعضاء في المنظمة لأداء دور رئيس في المساعدة في توفير الطاقة للعالم وفي تقليل الانبعاثات، وراغبة في ذلك وقادرة على القيام به.
وقال الغيص -في مقاله-: “نحن نستثمر في قدرة قطاعي التنقيب والإنتاج، والتكرير.. نقوم بتعبئة تقنيات أنظف ومجموعة كبيرة من الخبرات البشرية لدينا للمساعدة في إزالة الكربون عن الصناعة”.
وأضاف: “نضخّ باستثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة والهيدروجين، واستعمال احتجاز الكربون تخزينه، وغيرها من التقنيات، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد الدائري للكربون لتحسين الأداء البيئي العام”.
وشدد الغيص على أن تحولات الطاقة تتطور ببطء، ولها مسارات عديدة، وفق ما أثبته التاريخ.
وقال: “نحتاج أيضًا إلى تذكّر الحقيقة المحزنة المتمثلة في أن أكثر من 700 مليون شخص ما زالوا لا يحصلون على الكهرباء، و2.4 مليار يستعملون أنظمة غير فعّالة وملوثة”.
ما يمكن رؤيته في اضطراب سوق الطاقة خلال الأشهر الـ 18 الماضية أو نحو ذلك، هو ما يمكن أن يحدث إذا لم يتعامل العالم مع التعقيدات المتشابكة للطاقة، بحسب أمين عام أوبك.
وتابع: “من الواضح أنه لا أحد لديه كل الإجابات.. في الواقع، قد لا نعرف جميع الأسئلة، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكننا التحرك الآن”.
انتقال منظم للطاقة
أكد أمين عام أوبك أنه قد لا يكون هناك حل واحد يناسب الجميع لمستقبل الطاقة المستدامة؛ ولكن التعاون والعمل الشامل سيكونان أساسيين في تحقيق انتقال عادل ودائم.
وقال الغيص: “نحن نؤيد تمامًا نهجًا عالميًا متعدد الأطراف، مع التعاون في المقدمة.. نحن بحاجة إلى العمل مع بعضنا، وليس ضد بعضنا”.
وتابع: “نتطلع إلى الدورة 28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ هذا العام في دولة الإمارات العربية المتحدة (العضو في منظمة أوبك) ومناصرتها لخطّة شاملة، إذ يُجري الحدث أول تقييم عالمي منذ اتفاقية باريس”.
وأشار الغيص إلى تصريحات الرئيس المعين لـ”كوب 28″، الدكتور سلطان أحمد الجابر، التي أكد خلالها أن هناك حاجة إلى “أقصى قدر من الطاقة، والحدّ الأدنى من الانبعاثات”.
وقال: “هذه هي فكرة رئيسة لقادة مجموعة الـ7 عندما يجتمعون في هيروشيما (اليابان) حيث نخطط لانتقال منظم للطاقة، مدفوع بتحديات أمن الطاقة والقدرة على تحمّل التكاليف والاستدامة”.
وأعرب الغيص عن أمله في أن يرى المستقبل استثمارات وتمويلًا في تحول الطاقة، مع التركيز على نهج “جميع الشعوب وجميع أنواع الوقود وجميع التقنيات”.
توقعات نمو الطلب على النفط
أبقت منظمة أوبك توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2023، دون تغيير تقريبًا عن تقديرات أبريل/نيسان الماضي، عند نحو 2.33 مليون برميل يوميًا، ليصل الإجمالي عند 101.90 مليون برميل يوميًا، وفق التقرير الشهري الصادر عن المنظمة في 11 مايو/أيار الماضي.
أشارت أوبك إلى نمو الطلب العالمي على النفط بنحو 2.13 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي خلال الربع الأول من 2023 إلى 101.58 مليونًا، قبل أن يرتفع إلى 103.25 مليون برميل يوميًا في الربع الرابع من 2023.
وشهدت توقعات الطلب على النفط في الصين تعديلات صعودية بسبب الأداء الأفضل من المتوقع للاقتصاد الصيني، لكنها قوبلت بانخفاضات في مناطق أخرى.
وتقدّر منظمة الدول المصدّرة للنفط نمو الطلب على النفط في الصين بمقدار 800 ألف برميل يوميًا خلال 2023، مقارنةً مع تقديرات الشهر الماضي البالغة 760 ألف برميل يوميًا.