تعد الصحراء الغربية اخر مستعمرة في القارة الأفريقية، مازالت ليومنا هذا ترضخ تحت نير الاستعمار المغربي الذي يهدد بسياساته التوسعية الأمن و السلم الدوليين، ورغم أن كل القوانين الدولية تكفل حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره و بناء دولته المستقلة على كامل أراضيه المحتلة الا ان المغرب بتواطىء من بعض الدول الكبرى في مجلس الأمن الدولي مازال يماطل في تطبيق الشرعية الدولية، و يناور لتكريس سياسة الأمر الواقع باستعمال كل الأساليب الابتزازية، غير أن المقاومة الشرسة لجبهة البوليساريو أحبطت كل مخططاته التوسعية، خاصة منذ استئناف الكفاح المسلح في 13نوفمبر الماضي.
ردا على الخرق المغربي السافر لاتفاق وقف إطلاق النار، فما هو البعد التاريخي لهذا ااصراع، و ما خلفيات تطاول نظام المخزن على المقررات الاممية _ الافريقية ذات الصلة، ورفضه الانصياع للشرعية الدولية؟
في عام 1884 احتل الاسبان الصحراء الغربية التي كانت مأهولة آنذاك بالسكان الأصليين للصحراء الغربية، و الذين كانوا يعرفون بالقبائل الصحراوية، و دام الإحتلال 91 سنة اذ كانت الصحراء الغربية تعتبر اقليما اسبانيا، و في عام 1973 انتفض شباب الصحراء الغربية ضد الاحتلال، و اسسوا الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و واد الذهب او ما يعرف بالبوليساريو، كناطق رسمي وحيد للشعب الصحراوي، و بعد معارك دامت سنتين أعلن الاحتلال الإسباني سنة 1975 انسحابه من اقليم الصحراء الغربية التي كانت الأمم المتحدة تدعمه كل الدعم و تطالب بإستقلاله منذ سنوات.
اتفاقية مدريد المشؤومة و الاحتلال المغربي للصحراء الغربية؟
بعد انسحاب الاسبان عبرت كل من المغرب و موريتانيا عن أحقيتهما بالصحراء الغربية ، رغم اقرار محكمة العدل الدولية آنذاك حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره الا ان المغرب قام بغزو الصحراء الغربية عن طريق ما يسمى بالمسيرة الخضراء، و أعلنها ملك المغرب الحسن الثاني صراحة آنذاك بالقول، ” علينا ان نقوم بضم الصحراء الغربية عن طريق مسيرة خضراء من شمال المغرب الى الصحراء الغربية”، كما ارسل الحسن الثاني الجيش الملكي المغربي للسيطرة على الصحراء الغربية.
الجزائر قبلة الأحرار تتمسك بتطبيق الشرعية الدولية و تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير.
بعد اعلان المغرب نيته في احتلال الصحراء الغربية اعلنت اسبانيا و بدون اي مصوغ تقسيم اقليم الصحراء الغربية بين موريتانيا و المغرب فيما يعرف باتفاقية مدريد المشؤومة، تزامن مع ذلك مع اعلان جبهة البوليساريو الكفاح المسلح شمالا مع المغرب و جنوبا مع موريتانيا بدعم من الجزائر و ليبيا لتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية القاضي باحقية الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ما أدى الى انسحاب موريتانيا سنة 1979، ليبقي الصراع بين جبهة البوليساريو و جيش الاحتلال المغربي، و بعد معارك طاحنة و خسائر فادحة في صفوف الجيش المغربي، اضطرت المملكة المغربية للتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في سبتمبر 1991 تحت رعاية الأمم المتحدة مقابل تنظيم استفتاء لتقرير المصير، ليتم تكليف جبهة المينورسو بالمهمة في غضون عامين.
لماذ تاخر استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي الي يومنا هذا؟
رغم موافقة النظام المغربي على تنظيم استفتاء تقرير المصير في البداية، الا انه رفض فيما بعد تنظيم الاستفتاء وبدأ يناور و يعرقل في تطبيق قرارات الأمم المتحدة، في تمرد واضح على القوانين الدولية، و اقترحت بدل تنظيم الاستفتاء مقترح الحكم الذاتي، و هو ما رفضته جبهة البوليساريو جملة و تفصيلا مدعومة بكبرى دول العالم و على رأسها الجزائر.
المغرب في مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي بسبب رفضه الانصياع الشرعية الدولية
المحاولات المتكررة من المغرب لتكريس الأمر الواقع واجباره العالم على الاعتراف باحتلاله لجمهورية الصحراء الغربية أثر سلبا على علاقاته مع دول الجوار و المجتمع الدولي، لتندلع خلافات سياسية مع كبرى الدول على راسها الجزائر جنوب افريقيا، المانيا اسبانيا و الاتحاد الاوروبي كانت آخرها محاولات توظيف ملف الهجرة غير الشرعية و استغلال الاف المغاربة بينهم قصر في ابتزاز الاتحاد الأوربي بسبب مواقفه الداعمة الشرعية الدولية في الصحراء الغربية .
دور الجزائر في النضال من أجل تطبيق الشرعية الدولية في الصحراء الغربية، لتصفية اخر استعمار بالقارة الإفريقية
لم تدخر الجزائر يوما اي جهد في دعم الحركات التحررية، و على راسها القضية الصحراوية، كقضية تصفية استعمار من جهة، و للحفاظ على امنها القومي و امن المنطقة ككل من جهة اخرى، و ترافع الجزائر في كل المنابر، للتسريع في تطبيق القرارات الأمنية و منح الشعب الصحراوي ممارسة حقه في تقرير المصير، للحفاظ على الأمن و السلم العالميين، خاصة و ان عودة للحرب و استئناف المعارك يهدد استقرار كل المنطقة على اعتبار أن الجمهورية العربية الصحراوية عامل توازن في المنطقة .
كيف ترى دور الدبلوماسية الجزائرية في انهاء الأزمة الصحراوية؟
بعد غياب لسنوات عن المحافل الدولية و عن ازمات المنطقة ، جراء الظروف التي كانت تمر بها البلاد عادت الجزائر بقوة بعد اعتلاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون سدة الحكم في انتخابات 12/12/2019، حيث أظهر هذا الأخير مستوى حوار عالي الفعالية و إرادة سياسية قوية في تغيير أسلوب تسيير الأزمات فقام مباشرة بتسمية مواطن الداء في العالم العربي و الإفريقي ، كما ابدى دفاع شرسا عن القضية الفلسطينية و الصحراوية في زمن الانبطاح العربي.
و كل العالم يتذكر يوم خطابه الشهير في دعم القضية الفلسطينية في زمن الهرولة نحو التطبيع، ما أعاد الزخم للقضايا العالقة، و منها الأزمة الصحراوية و سجلت الدبلوماسية الجزائرية عدة نقاط الفترة الأخيرة بعد أن فضح ممارسات نظام المخزن على المستوى القاري و الدولي ؛ و اعترافا بجهود الجزائر رشحها الإتحاد الإفريقي، لعضوية مجلس الأمن الدولي، كما التفت الهيئات الدولية و الإقليمية حول موقف الجزائر و دفاعها المستميت عن القضايا العادلة في العالم، و تزايد عدد المؤيدين القضية الصحراوية في العالم في ما اصبح المغرب يعيش في عزلة دولية حقيقية جراء اطماعه التوسعية.
نحن متجهون نحو تصفية الاحتلال من اخر مستعمرة في القارة الأفريقية؟
رغم التظليل الإعلامي الممنهج من طرف المغرب الا ان عودة الشعب الصحراوي إلى الكفاح المسلح في 13نوفمبر المنصرم أعاد القضية الصحراوية وهجها، و كسر حاجز الصمت و حالة الجمود التي عرفتها القضية على مدار سنوات بأحقية الشعب الصحراوي، حيث عرفت عدة بلدان مسيرات حاشدة آخرها مسيرات الشعب الإسباني في عدة اقاليم من التراب الاسباني، دعما للقضية الصحراوية، مطالبة الحكومة الإسبانية بتحمل مسؤوليتها القانونية و السياسية و التاريخية إزاء القضية الصحراوية، لإنهاء الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، و تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير .
كما دافعت المانيا و ايطاليا و عديد الدول الأوروبية عن احقيه الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، و اقرت محكمة العدل الاوروبية بحق استفتاء تقرير المصير، الى جانب العديد من الدول العربية و الافريقية.
و تزايدت الدعوات الدولية للمغرب لوقف مناوراته وسياساته الخبيثة و الانصياع للشرعية الدولية.