خلُصت دراسة صادرة عن الشبكة العالمية لحماية الطفولة حول “البيدوفيليا” إلى أنّ “المغرب أصبح قبلة جذابة ونقطة ساخنة للسياحة الجنسية التي تشمل الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”. وقد جاء في الدراسة أنّ “المغرب أصبح يمثّل وجهة مفضّلة للباحثين عن السياحة الجنسية التي تشمل الأطفال”.
وتوضّح الشبكة، نقلًا عن الدراسة الميدانية التي أنجزتها الجامعة الأمريكية “جونز هوبكينز”، أنّ المغرب سجّل خلال سنة 2009 ارتفاعا في عدد السيّاح قدّر بـ 6 في المائة. وبحسب الدراسة ذاتها ، فإنّ هذا الارتفاع مردُّه إلى انتشار ظاهرة “البيدوفيليا” على اعتبار أنّ المغرب أصبح يمثّل ”نقطة ساخنة“ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفق وصف الدراسة.
ورغم شحّ الجانب التوثيقي حول ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال القصّر في المغرب إلاّ أنّ دراسة جماعية قديمة كانت قد أنجزت تحت إشراف اليونيسيف سنة 2003 بعنوان “الاستغلال الجنسي للأطفال: حالة مرّاكش“ تعتبر مرجعًا لا غنى عنه لتفكيك الظاهرة بشكل كمّي.
و شملت الدراسة 100 طفل وطفلة قاصر في مدينة مراكش السياحية. يعيش معظم القاصرين المعنيين بالمسح في منزل عائلي، يقع عمومًا في ضواحي مراكش. هذه المدينة التي باتت تصنّف أرضا خصبة للاستغلال الجنسي للأولاد أكثر من البنات.
ينحدر أغلب القُصّر الذين شملتهم الدراسة من عائلات فقيرة ومتوسّطة الدّخل. وينتمون في أغلب الأحيان إلى عائلات مكونة من ثلاثة إلى سبعة أطفال، حيث الأب والإخوة لديهم وظائف منخفضة الأجر في الصناعات الحرفية. وتلُوحُ العلاقة مع الأب عاملا محدّدا بالنسبة إلى الظروف التي تدفع بالأطفال القصّر من كلا الجنسين للارتماء في عالم الدعارة.
ومن الملفت للانتباه، وفق ما كشفته الدراسة، أنّ العائلات غالبًا ما تتفطّن إلى المستوى غير المعقول لإنفاق أبنائها ومواعيدهم غير العادية دون أن تقوم بطرح أيّ أسئلة. يروي صبي يبلغ من العمر 13 عامًا جزءا من يومياته مع أفراد عائلته:
في المقابل، فإنّ أُسَر الفتيات تبدو أكثر وعيا بنشاط بناتها الذّي يرتقي إلى مستوى العلنية. تقول أسماء ذات الـ14 ربيعا إنّها كانت قد استمعت ذات ليلة عندما عادت إلى المنزل في ساعة متأخّرة، إلى والدها المقعد وهو يتجادل مع والدتها حول نشاط ابنتهما، لتتدخّل الأمّ قائلة حرفيّا “ما دخلك فيها يا رجل. . أنت مقعد ولا أحد ينفق علينا. . أتركها وشأنها، هل تريدنا أن نموت جوعا” مضيفة بنبرة حادّة ”ألم تكن شقيقتك تقوم بالشيء ذاته قبل أن تتزوّج.. لماذا لم يزعجك ذلك سابقا“؟
نحو 40٪ من القاصرين المغاربة يلتحقون بالدعارة بتشجيع من الشباب الأكبر سنًا
ويلتحق ما يقرب من 40٪ من القاصرين بالدعارة بتشجيع من الشباب الأكبر سنًا (أعضاء في شبكة أم لا) حيث ينبهر الأطفال بمظهرهم وبملابسهم الجميلة و”أموالهم السهلة“، ويسعون إلى التشبّه بهم وتقليدهم. في حين، يمارس نحو ثلث الأطفال القصّر الدعارة لإعالة أنفسهم أو أسرهم. ويلتحق نحو 13٪ من الأطفال القصّر بهذا النشاط بعد تعرّضهم للاغتصاب.
ويحتاج الأطفال في البداية إلى من يعرّفهم بخبايا المهنة ويربط الصلة بينهم وبين الزبائن، ثمّ بعد ذلك يختار عدد كبير من الأطفال الاشتغال للحساب الخاص بعد تكوين شبكة من الزبائن. وتشير الدراسة السابق ذكرها الى أنّ 45 بالمائة فقط من الأطفال يحدّدون السعر في حين يخضع البقية إلى ما يحدّده الزبون.
في أغلب الأحيان لا يتم ادّخار عائدات الدعارة بالنسبة إلى أطفال القصّر.إذ دأبوا عادة على استخدامها لشراء الملابس والسجائر وألعاب البلياردو وفي بعض الأحيان المخدرات، بالإضافة إلى توجيه جزء منها إلى الأسرة. ويتمّ توجيه جزء آخر أيضا لشراء ”الخدمات“ حيث يضطرّ القاصر لتقديم ما يناهز 50 درهما لحرّاس الملاهي الليلية من أجل السماح لهم بالدخول لاصطياد زبائن.
من جانبهم، لا يفوّت ضبّاط الشرطة فرصة التهام جزء من الكعكة حيث أكّد عدد من الأطفال القصّر أنّهم يدفعون من 100 إلى 200 درهم لـ”تهدئة“ الشرطة عندما يتم القبض عليهم.
السّياح الأجانب يزورون المغرب من أجل ممارسة الجنس مع الأطفال
و يستغل الأجانب الذين يأتون إلى المغرب الفقر والجهل الذي تعيشه نسبة كبيرة من الأطفال للاعتداء جنسيًا عليهم مقابل حفنة من الدولارات، حتى أصبح الأمر يُشكل ظاهرة يُنعت المغرب من خلالها بوجهة للسياحة الجنسية.
ففي 2019، كشف شاب مغربي استغلال منظم من طرف مواطنين إسبان لأطفال مغاربة في “مركز ماري”، الذي تديره إحدى الجمعيات المدنية الإسبانية المعنية بالأطفال المتشردين بمدينة طنجة، واتهم الشاب المغربي، الذي كان يقيم في تلك الجمعية، مواطنا إسبانيا يدعى “فليكس راموس” باستغلاله جنسيا لأكثر من ستة أعوام مقابل إيهامه بمساعدته على الهجرة والعمل في أوروبا، إضافة إلى استغلالهم من طرف مواطنات إسبانيات كذلك.
وكشفت جمعية “ما تقيسش ولدي” (لا تمس ولدي) أنها قامت برفع دعوى لدى وكيل الملك عندما علمت بمعاناة شاب مغربي (يبلغ 19 سنة) تعرض لاعتداءات جنسية منذ أن كان في 13 من عمره، من طرف مواطن إسباني مشهور يملك قناة تلفزيونية بماربيا الإسبانية، وهو معتقل، وكان يوهم ضحاياه القاصرين بأنه سيشغلهم فيها مقابل استغلالهم جنسياً، وكان يصطحب أصدقاءه من المشاهير بعد أن ينظم جلسات للجنس على أطفال المركز بحسب رواية الضحية.
وأضافت الجمعية أن الأمر لا يتعلق فقط بالرجال، فقد ثبت تورط نساء إسبانيا في استغلال هؤلاء الأطفال جنسياً، إذ كانت مسؤولة بالمركز على علاقة بأحد الأطفال القاصرين، بينما أجهضت أستاذة مرتين على إثر حملها من علاقة مع أطفال آخرين.
وإن تلك الجلسات كانت تجري في فنادق فخمة، وكان المعتدون يصطحبون ضحاياهم إلى المطاعم والحانات الراقية، ما يوحي إلى أن هناك شبكة منظمة تقف وراء استغلال وضعية أطفال الشوارع، كما يؤكد ذلك تعرض الشاب للتعذيب من طرف أشخاص ملثمين من أجل إسكاته، بالتالي يجب فتح تحقيق قضائي لوضع حد لممارسات شنيعة في حق أطفال أبرياء يوجدون في وضعية صعبة.
ورغم العدد الهائل لقضايا الاعتداءات الجنسية على الأطفال بالمغرب، إلا أن ذلك لا يشكل إلا الجزء البارز من جبل الجليد باعتبار أن غالبية الأسر تختار التستر على القضية وعدم إبلاغ السلطات الأمنية في حال الاعتداء على طفلها مخافة الفضيحة، وما زالت تلك القضايا تدخل في إطار “التابوهات” المسكوت عنها في المجتمع المغربي.
عفو ملكي على إسباني اغتصب 11 طفلًا في القنيطرة!
وتفاقم الاستغلال الجنسي للأطفال بالمغرب بداية من 2013، خاصّة بعد إصدار العاهل المغربي عفوًا ملكيًا على 48 إسبانيا، من بينهم الإسباني ”دانيال كالفان“ الذي اغتصب 11 طفلًا في القنيطرة والذي تحوم حوله شكوك تجنّده في المخابرات الإسبانية، وذلك بعد زيارة الملك الإسباني كارلوس للمملكة وطلب العفو من العاهل المغربي على بعض من المساجين الأسبان.
أسعار الأطفال المغاربة تتراوح ما بين 50 أورو و200 أورو في المناطق السياحيّة
ويباع الأطفال القصّر في المناطق السياحيّة بداية من 50 أورو وصولا إلى 200 أورو. وحسب نجية أديب، مسؤولة في جمعية ”ماتقيسش أولادي“، فإنّ القاصر كلّما صغر سنّا كلّما زادت قيمته في السوق، وجري هذا عن طريق وسيط يربط بين السيّاح والأطفال (خاصّة منهم الأطفال القاطنين بضواحي المدن السياحية) حيث نجد في كلّ حيّ أو منطقة معزولة “قوّاد” يعرف أطفال المنطقة ومدارسهم ويقوم باستقطابهم سواء بعلم عائلاتهم أو دون علمهم.
الجنس هو الوسيلة الوحيدة للحصول على المال في المغرب
وفي أفريل 2017،أجرى برنامج “لا تسريتشيا نوتيسيا” (الخبر الصادق) ذائع الصيت في إيطاليا، والذي تقدمه القناة الخاصة ميدياسيت ، ويعده ويقدمه الصحفي لويجي بيلازا،تحقيقًا صادمًا عن دعارة الأطفال بمراكش المغربية.
وبين جامع لفنا وماكدونالدز وشقة مفروشة معدة للإيجار، تنقل الصحفي الإيطالي بين وسطاء ووسيطات في دعارة الأطفال، كاشفًا عن تجارة رائجة يقودها بالغون، يحققون من خلالها متعة السياح المنحرفين مقابل الكثير من المال.
بعد فشل محاولة أولى مع وسيطة من “نقّاشات الحنة” في ساحة جامع لفنا، وعدت السائح المزيف (الصحفي حقيقة) بإحضار طفلة ذات ثماني سنوات لممارسة الجنس، إثر انكشاف أمر الكاميرا التي خبأها زميله بين أزرار قميصه، عاد لويجي بيلازا إلى اللقاء بأحد الوسطاء في حي كيليز. المدعو «عبدول» في البرنامج اقترح على السائح الباحث عن الصغيرات، مراهقة في ربيعها الـ16، واتفق معه على اللقاء بها في ساحة عامة في الغد، بعد أن اتصل بها هاتفيا. وكان أول رد من «أمينة» صادمًا لدرجة أن معد البرنامج كرره أكثر من مرة، بعد سؤالها عن السبب الذي أوصلها لممارسة الجنس مع السياح الأجانب، حيث قالت وهي تغالب ضحكة بريئة: «بين قوسين… أنا عاهرة».
أمينة تكلمت بحرية وتلقائية عن تجربتها في الجنس مع السائح / الصحفي، الذي حاول أن يحيط بكل جوانب حياتها الخاصة والعائلية في لقاء سريع تم فيه إخفاء معالم وجهها. قالت إنها مارست الجنس أول مرة في سن الـ15، وأنها لم تعد عذراء من تلك التجربة الأولى.
القاصر قالت أيضا إن ثمن ليلة جنسية مع سائح أوروبي أو خليجي تحدده في 2000 درهم، وهي الوسيلة الوحيدة التي تجدها مناسبة لتحصل على مال يساعدها في مصاريف الدراسة والتجميل وابتياع الملابس. قالت أمينة أيضا إن أسرتها لا تعرف شيئا عن مغامراتها الجنسية، ولتثبت للسائح الإيطالي جديتها، أطلعته على رسالة نصية قصيرة على هاتفها المحمول، قالت إنها قادمة من زبون فرنسي يبلغ 70 عاما، يطلب منها الحضور إلى مكان متفق عليه بينهما سلفا.
حكاية أخرى عن دعارة الصبيان، هذه المرة كانت على وشك الإعداد، حين داهمت الشرطة شقة مفروشة كان فريق إعداد البرنامج قد حضرها للالتقاء بصبي يبلغ الـ14 سنة، كان ينوي سرد حكايته بالكامل على طاقم البرنامج.
شهادات أخرى من أطفال ووسطاء، قدمها البرنامج كشهادة على اتساع هذا النوع من الدعارة في مراكش، قبل أن يقدم رقما مخيفا في نهايته، يفيد بأن أكثر من 50 ألف طفل وطفلة يمارسون الدعارة دوريا، بين الدار البيضاء ومراكش.