الواجهةحواراتسياسة

المحلل السياسي، عادل جارش لـ “DZ54″   ” الإرهاب الجديد يتخذ عدة أشكال أبرزها الإرهاب السيبراني “

أكد المحلل السياسي عادل جارش ان الإرهاب الجديد يتخذ عدة أشكال وصور متعددة، ومن أبرزها الإرهاب السيبراني أو ما يعرف  بالإرهاب الناعم، بحيث أنه  تهديد غير معروف يصعب فيه تحديد طبيعة المهاجم، فهم يعتمدون على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية لنشر فكرهم وتجنيد الأفراد باعتبارها ملاذاً آمناً لهم مقارنا بالفضاء الواقعي
 حاورته: حفصي منال 
 
في ظل تزايد التهديدات على طول الخط الحدودي للجزائر كيف تتعامل الديبلوماسية الجزائرية مع هذه التهديدات؟
خلال السنوات الأخيرة تزايدت حدة التهديدات الأمنية في دول الجوار الجزائري خاصة في شقها اللاتماثلي، وهو ما يؤثر سلباً على الأمن الوطني الجزائري في حالة إذا لم تتوفر المقاربة والآليات الفعالة لمواجهتها ، وما يزيد التأكيد على ذلك هو تواجد الكيان الصهيوني وإقامته علاقات اقتصادية وعسكرية مع المغرب، وهو ما يتنافى مع سياسات حسن الجوار باعتبار أن الكيان الصهيوني يمثل تهديداً مباشراً للأمن الجزائري، ولهذا فإن الجزائر تسعى عبر دبلوماسيتها إلى كبح ومجابهة بعض التهديدات ومصادرها من خلال ثلاث نقاط أساسية:
1- مواجهة مختلف الحملات العدائية والخطيرة من خلال انتهاج دبلوماسية يقظة واستباقية كآلية ردعية تردع بها السياسات العدائية التي تقوم بها بعض الأطراف حيال الجزائر، وذلك عبر العمل على تعزيز محاور التعاون الدبلوماسي الجزائري كمحور جنوب إفريقيا نيجيريا والجزائر، ومحور الدول الصديقة للجزائر والمجاورة لها.
2- محاولة تنويع الأدوات المستخدمة في العمل الدبلوماسي لكي تصبح أكثر فعالية، ويتعلق الأمر بالتوجه نحو التركيز على البعد الاقتصادي والبراغماتية في الأداء كونها أوراق رابحة أيضاً لتفعيل أمن دول الجوار والأمن الإفريقي، فالأمن في عالم اليوم لم يعد أمن عسكري فقط، بل هو أمن متعدد الأبعاد.
3- الاحتواء، أي محاولة الدخول في مبادرات ثنائية عديدة لحل المشاكل الموجود بدول الجوار حتى لا تكون بؤر تهدد الأمن الوطني سلباً مستقبلاً، ومن أمثلة ذلك التعاون التونسي الجزائري في مكافحة الإرهاب
دول جوار الجزائر تشهد حالة لاستقرار مع تزايد تدفق الإرهاب ما هو دور قوات حفظ السلام و قوات افريكوم الأمريكية في محاربة الإرهاب؟
صحيح أن دول الجوار خلال السنوات الخمس الأخيرة شهدت تدفقاً سريعاً للمرتزقة والجماعات الإرهابية خاصة إذا تحدثنا عن ليبيا، والحزام الجنوبي الجزائري (دول الجوار الجنوبي)، وهم في الغالب وكلاء أو كيانات وظيفية تقوم بمهمات معينة لصالح قوى إقليمية ودولية، لذلك فمن المنطقي أن تكون مهمة الأفريكوم ليس فقط في ليبيا بل حتى في باقي الدول الإفريقية صعبة لأنها أولاً تسهر على حماية المصالح الأمريكية وليس على  مصالح وأمن الشعوب الإفريقية، وهذه ملاحظة أساسية يجب التنويه لها، وثانياً لأن كثرة الصراعات وتعقدها وتداخل أطراف عديدة يصعب من مهامها، فليس من المنطقي أن تتدخل القوات الأمريكية في أي صراع إلا إذا استدعت المصلحة ذلك.
ما هو أوجه الاختلاف بين ادارة ترامب وادارة بايدن في السياسة الأمريكية ؟
أوجه الاختلاف بين إدارة ترامب وإدارة بايدن، عند الحديث عن الرئيسين فإن أول ما يجب إدراكه بأن برامج وسياسات الرئيسين جوهرها دائماً يخدم المصالح الأمريكية رغم أن هناك رؤى ومعالجات مختلفة للقضايا الخارجية، فغالبا ما يحاول ترامب استعمال لغة التهديد والقوة العسكرية لجلب مكاسب مادية وجيوسياسية، في حين يسعى بايدن إلى الاعتماد أكثر على الجانب الدبلوماسي، وتوظيف الضغوطات والعقوبات الاقتصادية، وكذلك فإن المتتبع لخطابات وسياسات ترامب سيرى بأنه كان يرجح المقاربة الأيدلوجية التي يمثلها أحد كبار مستشاريه “ستيفن بانون” على حساب المقاربات الأخرى، إذ أن ترامب لا يعير اهتماما كبيرا للبراغماتيين، وحتى المؤسسات التقليدية وأصوات الخبراء، لذلك فلقد لقى معارضة كبيرة لأفكاره وسياساته من كبار الخبراء والمفكرين الأمريكيين، ومن بينهم المفكر نعوم تشومسكي الذي شبهه بالمختل سياسياً وبأنه أسوء مجرم في التاريخ البشري.
وعلى عكس الرئيس ترامب، فإن بايدن غالباً ما تعبر خطاباته عن نهج ومسار  واضح  للسياسة الأمريكية التي يروج لها الديمقراطيون،  وهي غالباً سياسات تحركها تعزيز عمليات الشراكة والحوار وتوظيف القوة القوة الناعمة كآلية لتنفيذ سياساتها بدل اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية مباشرة.
الاستراتيجية الأمريكية تركز على محاربة الإرهاب لكن في حربهم على افغانستان ظهرت القاعدة وبعد غزو العراق واسقاط نظام صدام ظهرت داعش وبعد الحرب على سوريا ظهرت جبهة النصرة ما قراءتك لهذه المسألة ؟
وفيما يتعلق بالاستراتيجية الأمريكية حول مواجهة الإرهاب فإن هناك عدة اتجاهات تفسر موقف ودور أمريكا في صناعة الإرهاب من عدمه، وشخصياً أعتقد أن الإرهاب ينتج لتفاعل مجموعة من الأسباب الداخلية والخارجية، وربما هنا في الحالات المذكورة كان التدخل الأمريكي في أفغانستان والعراق وسوريا  عاملاً أساسياً في زيادة الأوضاع سوءاً وخلق بيئات هشة في هذه الدول ساهمت في تكوين جماعات إرهابية تحت مسميات عديدة .
ويبقى الإشكال المطروح دائماً هنا هو الفشل الأمريكي في احتواء الجماعات الإرهابية، فمنذ بداية حملتها المسماة الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 زاد عدد الجماعات الإرهابية واتسع نشاطها جغرافيا لتشمل عدة مناطق بما فيها أمريكا وأوروبا، كما أن الاعتماد فقط على المعطى العسكري لمكافحة الإرهاب أدى إلى تفكيكها بدلاً القضاء عليها نهائياً، لأن هزم الإرهاب لا يتم بأسلوب المطرقة كما يسميه تشومسكي أو استخدام القصف الكفيف، وإنما يحتاج القضاء عليه إلى مقاربات عديدة (ايدلوجية، دينية، سيبرانية، اقتصادية وعسكرية).
بعد ظهور وباء كورونا عرف العالم تحولات سياسية واقتصادية كبيرة منها تراجع السياسة الأمريكية وظهور تحالفات دولية جديدة هل هذا مؤشر لبداية لنظام عالمي جديد وتغيير لموازين القوى؟
صحيح أن جائحة كورونا أثرت بشكل كبير على الأداء العالمي في مختلف المجالات، لكن لا يمكن الحكم عليها مبكراً بأنها ستمثل مرحلة مفصلية لتشكيل توازنات وتحالفات دولية لأن العالم كله تضرر منها بما فيها القوى المتوقع أن تكون خليفة أو مناوئة للسياسات الأمريكية كالصين وروسيا، وتراجع الأداء السياسي الأمريكي في العالم ربما في حد ذاته هو سياسة لإعادة بناء نفسها ومراجعة الحسابات الاستراتيجية، وهنا يجب التأكيد بأن مميزات القيادة الأمريكية التي تجعلها دولة قائد في العالم لحد الآن مازالت مستمرة لا سيما إذا تحدثنا عن المعطى العسكرية والسيطرة على المؤسسات الدولية.
الإرهاب بالجزائر تغير شكله من الإرهاب المسلح إلى الإرهاب السيبراني ماهي أليات مواجهة الارهاب الجديد؟
يتخذ الإرهاب الجديد عدة أشكال وصور متعددة، ومن أبرزها الإرهاب السيبراني أو الإرهاب الناعم، وهو تهديد غير معروف يصعب فيه تحديد طبيعة المهاجم، عكس الإرهاب العلني، ففي السابق كان الإرهابيون يعتمدون على وسائل علنية أمام الجمهور لنشر أفكارهم وتجنيد الأفراد، أما حالياً فهم يعتمدون على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية لنشر فكرهم وتجنيد الأفراد باعتبارها ملاذاً آمناً لهم مقارنا بالفضاء الواقعي.
وبخصوص مواجهة هذا التهديد السيبراني فهو لا يتم باستعمال القوة الصلبة (العسكرية)، وانما يتم مواجهته في الملعب الافتراضي الذي يحاول من خلاله الإرهابيون توظيفه، وذلك عبر حذف وحظر الحسابات الإرهابية، ومراقبة ومتابعة الرسائل والحسابات المتعاطفة معهم على الرغم من صعوبة ذلك، ولكنها ضرورة حتمية من أجل حماية الأمن القومي.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button